فتح أبو العيال علبة يحتفظ فيها بأوراق وبطاقات قديمة، يرجع بعضها إلى أيام العرب الباردة، فأثارت انتباهه بطاقة كتب عليها بخط عريض? Noalas Bases ، وتحتها بخط أصغر Ni Rusos Ni Yanquis وأعمل ذاكرته فتذكر أن هذه البطاقة حصل عليها مساهمة منه في دعم حملة ضد الوجود العسكري للقوات الأجنبية، وانتشار قواعدها
كان ذلك في الثمانينيات من القرن الماضي، وبالضبط في إسبانيا، وكانت آنذاك تخطو خطواتها الأولى نحو الديمقراطية هؤلاء مجموعة من الشباب المتحمس للسلم يبيعون البطاقة الواحدة بمائة بسيطة 100pesetas ، إنهم لا يريدون قواعد أجنبية في بلدهم، لا روسية ولا أمريكية ومعلوم أن بلدهم عضو في الحلف الأطلسي
استحسن أبو العيال يومها الفكرة فاقتنى هذه البطاقة، ومنها ينطلق موضوع حديثه
*****
شباب من دول الحلف الأطلسي، تراوح تخصصهم بين طبي وهندسي، يقنعون بالمنطقي من الكلام لا الهلوسي، أما نحن من الخليج إلى الأطلسي، نبتلع هذا الوجود ونحتسي، ولا من نقتدي به أو نأتسي، الناس منشغلون برفض استعمال القواعد ونحن بإمكانية الترخيص بالسياقة للنساء القواعد
مساهمة بسيطة، أن تدفع مائة بسيطة، تنديدا بالطامعين في احتلال البسيطة، كان هذا أيام الحرب الباردة، قبل ميلاد الطالبان والقاعدة، ولِمَ تبقى هذه الحرب باردة؟ لنطلقها تسرح كالنعامة الشاردة، في صحراء العرب الصاهدة، وعلى أهلها تعود العائدة? شيوع الديمقراطية، وإبادة الأنظمة الفاسدة، لافتة براقةرائدة، سُخِّر من أجلها شطط وقوة زائدة
– أنت واهم أيها المهدار، أو ساذج عديم الأفكار، تريدهم أن يعبروا المحيطات والبحار، ويقطعوا الفيافي والقفار، من أجل حرية قطر من الأقطار؟? لا، لا? إنهم يستريدون الآبار، ليهيمنوا عليها باقتدار، ومن ثم رفع الأسعار، وتمويل الجيش الجرار، وما قول من يركب الحمار، أمام فارس بسيف بتار
– حسبك? لا تفتح الجرح المدمول، كنت أتوقع الحل المأمول، بإيعاز من ذوي حصافة وعقول، كمواصلة تدفق النفط في الحقول، بسعر لا يجانب المعقول، ويقتسم ذوو الحقوق الأرباح والدخول، ولا تقرع للحرب طبول، ولا قنابل إذا ما عنَّ من السماء هطول
يا لهفي على المعقول? ما لسواد عيون العرب هبوا، ولكن لسواد البترول وتسخير الحكومات برموت كونترول
والبترول نفسه هو ما يبدو من جبل الجليد، أما في غور البحر البعيد، وفضلا عن غواصات من حديد، يبيت القوم كل جديد، هاهو حائط برلين العتيد، تخلص منه الألمان بالتوحيد، وصدروه للفصل بين مريد وطريد، بمباركة، من أوسلو ومدريد
ومن يدري؟ في غد قريب أو بعيد، يحمل سور الصين المديد، بدعوى أنه العائق الوحيد، يضر تجارة النسيج والحديد، ولينقل للفصل بين امرئ القيس ولبيد، وبين عبد الحكيم والأطرش فريد، وبين أبي نواس ومسلم بن الوليد، ويقول? كفانا تسييجاً? فيردون? هل من مزيد؟
بعد أن كنا سنبلة جامعة قبل الحصيد، فتتونا حبات وطحنونا كالسميد، وأشغلوا كل واحد بوجع فريد، حتى يلتهم لوحده كالخبز، بل كالثريد
حقا إنه خَطبٌ جلل، لا يُعرف له موعد ولا أجل، فقد اسْتَنْوَقَ القوم الجمل، وما عاد غريق يخشى البلل
وهاهو أبو العيال لا يرى فائدة، من الحديث عن الحروب الساخنة والباردة، وسيحدثكم عن العرب البائدة، لعلنا نقتبس بصيصاً من الفائدة
قال ابن قتيبة في كتابه ?الشعر والشعراء???ومُلِّكَ حُجْرٌ على بني أسد، فكان يأخذ منهم شيئا معلوماً ضريبة فامتنعوا فسار إليهم فأخذ سرواتهم أعيانهم فقتلهم بالعصي فسموا عبيد العصاî إلا أن بني أسد لم ينسوا فعيلة حُجر، فتربصوا به وقتلوه، وروي أبو الفرج في كلامه عن وصية حُجر التي انتهت إلى ولده امرئ القيس، فقال? ?الخمر علي والنساء حرام، حتى أقتل من بني أسد مائة وأجز نواصي مائهî ، ثم استعدى بكراً وتغلب، عليهم فناصروه? انتهى كلام ابن قتيبة
وتتواصل الرواية بأن امرء القيس لاحق بني أسد، فظفر بهم وقاتلهم حتى كثرت الجرحى والقتلى فيهم، فانصرف عنه بكر وتغلب، وقالوا له ? قد أصبت ثأرك
ويكمل ابن قتيبة??ولم يزل ينتقل من قوم إلى قوم في جبلي طئ، ثم رسمت به نفسه إلى ملك الروم، فأتى السموآل بن عدياء اليهودي فاستودعه مائة درع وسلاحاً كثيراً ثم سار ولما حاجه العرب في ذلك، قال
ولو شاء كان الغزو من أرض حِمْيَر ? ولكنه عمدا إلى الروم أنفرا
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ? وأيقن أنَّا لاحقان بقيصرا
فقلت له لا تبك عينك إنما ? نحاول مُلكاً أو نموت فنُعذرا
انتهى كلام ابن قتيبة لحق امرؤ القيس بالقيصر وجهزه بالعدة والعتاد، فرجع وفي نيته أن يدمر البلا والعباد، ولكن وفدا من بني آساد، كان لهم مع القيصر ميعاد، وحرضوه على الشاعر وأتباعه الأوغاد
أرسل القيصر من ألبس الشاعر قميصاً مسموما، فتساقط لحمه مفروماً، ومات في أنمرة غريباً مصدوماً، وفي رواية اعتمدت تاريخاً وعلوماً، أن الشاعر كان متعهراً مغروما، تعددت علاقاته وافتقد طبيباً خدوماً، فأصيب بالزهري وصار محموما، فمات موثوراً مكلوماً
مات امرء القيس، ومات بنو أسد واستمرت الحياة ولن يبقى أحد، ؟؟؟؟؟؟؟ تنطفئ بعد ؟؟؟؟؟؟؟ ينفع الناس باقي إلى الأبد