اليونسكو تصلح ما أفسده هرقل (العدد 93 )

تحكي الأسطورة أن هرقل ضرب بجمع يده عند مضيق جبل طارق، ففصل أوربا عن إفريقيا، ولكن الجاذبية لم تنعدم بين العدوتين وكثر التنقل جيئة وذهابا فتنقل البشر والشجر والحجر، ولم يعد ممكنا التمييز بين ماهو أفريقي وماهو أوربي، وهاهي منظمة اليونسكو تثبت صحة اشتراك الضفتين في خصوصيات تنفرد بها، الشيء الذي يؤهلها أن تعتبر مجالا بيئيا يجب الحفاظ عليه، وإليكم تعريب ما نشرته (www.diariosur.es) Surdigital في عددها ليوم 2006/11/06.

جائزة اليونسكو للأندلس وشمال المغرب ثروة بين العدوتين

حين تصدَّع مضيق جبل طارق ترتب عنه وجود منطقتين متشابهتين في جنوب الأندلس وشمال المغرب، مناظر، نباتات، وحشيش، وثقافات، كلها تجمع الضفتين، لذا أعلنت اليونيسكو هذه المنطقة تراثاً إنسانيا في المجال البيئي العالمي في حوض المتوسط، ولمدينة مالقة نصيبها من هذا الأرث.

*****

غرقت القاعة في تصفيق عميق، وأعضاء الوفدين المغربي والإسباني وقوفاً يذرفون الدموع من وقع التأثر بالإجماع الذي حصل حول اعتبار اليونسكو لبلادهم كتراث إنساني في المجال البيئي العالمي.

حدث هذا في الأسبوع الماضي عندما رحلت مفوضية من الأندلس إلى باريس من أجل اجتياز الامتحان، وقد نجحت بميزة الشرف، وكان ذلك بعد توصل خبراء اليونسكو بدون مجاملة إلى قيمة الثروة البيئية التي تشكلها هذه المنطقة .

لقد قام ممثل مالقة في المحافظة على البيئة بعمل بارز بإشتراك مع المديرة العامة لشبكة الفضاءات الطبيعية المحمية في الأندلس RENAPA وكذا المستشارة في المجال البيئي، وهذه نتيجته.
عملاق على الطبيعة: أصبحت اليونسكو تعتبر هذه المحمية »واحدة من أفضل الجسور بين الشعوب والدول والحضارات المختلفة، ولكنها ذات جذع مشترك«.

هذا ما يشكله المليون هكتار الذي تتقاسمه الأندلس مع شمال المغرب، إنه عملاق عظيم على الطبيعة مليئ بالتنوع الحيوي وتشابه المناظر في السلاسل الجبلية والمحلات الطبيعية … في ضواحي مالقة وقادس . كما يتضمن التراب المغربي الحديقة الوطنية في تلاسمتان Talassemtane ، والأماكن ذات الأهمية الجيولوجية.

في جبل بوهاشم، وبن قَّرِّيش،وجبل موسى، وكُدية الطيفور، ومروج أسمير المنبثة في أقاليم طنجة وتطوان والعرائش وشفشاون…

كل هذه المناظر تستفز حب الاستطلاع، وتدعو إلى ضرورة الاعتناء بها، وبينما تنظر الأراضي الأندلسية صوت الجنوب، بمعنى أنها تجابه الشمس، نجد المغربية تحدق نحو الشمال تاركة الشمس خلفها ظهريا، هذه الميزة جعلت شمال المغرب برغم كونه في إفريقيا تكثر فيه التساقطات المطرية والثلوج، أكثر مما في سلسلة الثلوج Sierra de las nieves (حيث يتلطف الجو سنة بعد أخرى طيلة العقود الأخيرة).
والثلج تحديداً عنصر مشترك بين السلاسل المالقية والقادسية ونظيرتها المغربية، وارتداؤها جميعا بردائها الذي تُعرف به في العالم كله، إنه شجر التنُّوب . ABETO المنتشر في العدوتين، وبالخصوص التنوب الإسباني Pinsapo.

مناطق متماثلة:

كان التنوب الإسباني وغيره من الأجناس النباتية نتيجة تطور بيوفيزيقي مشترك شهدته الميسيتا الإيبرية، والترس الواقي في إفريقيا، وصار ينمو وسط هذا الفضاء الجبلي الأندلسي /الريفي   Betico-Rifeno ، بعد تباعد جزأيه إثر التصدع الذي أنشأ مضيق جبل طارق ومنطقتين منفصلتين لكنهما متماثلتان، وهذا ما يشرحه كتاب نشرته استشارية الوسط البيئي، الأصول الجيولوجية للضفتين مشتركة بالتأكيد، وهذا ما يثمن جيداً الذقن الإسباني الأوروبي (جنوب الأندلس ) والأعراف المغربية الإفريقية (شمال المغرب ).

الأصل المشترك يبدو جلياً جيولوجياً ومورفولوجيا، تراب ومناخ مشترك، والأصناف النباتية والحيوانات كلها تعيش في الضفتين.

بالعودة إلى التنُّوب الإسباني، يصادفنا مشهد رائع عند ملاحظة أن التناظر سمة مشتركة بين الحديقة الوطنية تلاسمتان في شمال المغرب، ونظيرتها الحديقة الطبيعية في سلسلة الثلوج في الرندة، مهندسو وبيولوجيو مندوبية الوسط البيئي في مالقة أكدوا تطابق الحديقتين، كما تأكد جغرافيا وقوع كل من سلسلة الثلوج وحديقة تلاسمتان في نفس خط الطول، بمعنى أنه لو نصبنا جسراً وهميا لكانت بدايته في حديقة ونهايته في أخرى.

من الصعوبة بمكان على بيولوجي متمرس أن يميز بين التنوب المغربي ونظيره الأندلسي… ولهذا صار هذا التنوب رمزاً لقرار اليونسكو الجديد بالمحافـظة على المجال البيئي العالمي في حوض المتوسط…
الوديان في العدوتين تتقاسم 75 ? من غطائها النباتي… يبقى المغرب مستأثرا بشجر الأرز وحده نظرا لعلو قمم جباله، وفيما عداه فالغطاء النباتي مشترك بين البلدين.

ممر للهجرة: ويتعزز غنى الطبيعة بتقاسم الضفتين لطريق الهجرة بين القارتين الإفريقية والأوربية، والذي ييسر تنقل أنواع من الطيور من ضفة إلى أخرى سواء خلال مرورها العابر، أو وقت التعشيش الموسمي، يقول بيولوجيون من مالقة :” المضيق نقطة استراتيجية عالمية لهجرة الطيور عموما، وخصوصا اتخاذه محطة لها ومستراحاً”.

لقد توصلوا إلى تحديد 117 نوع من الطيور التي تعشش في المنطقة، منها النسر،العقاب، الباشق، النحام، نقار الخشب والشحرور.

وفي علاقة بالثروة الحيوانية، نجد أربعين صنفا من الثديات في العدوتين، من قبيل :الخنزير الجبلي El jabali والقندس والقنفذ والخفاش، والسلحفاة … وكثير من الزواحف … كما تتقاسم مع المغرب وجود 50 ? من البرمائيات ..

ونصل أخيرا إلى الشعوب وثقافاتها، الجذع المشترك بين المنطقتين يتمثل في الحضارات العظيمة في العصر الأندلسي، هذا التماثل واضح للغاية بين سكان شفشاون وغيرهم من سكان جبال الرندة Ronda والشرقية   Axarquia أيضا، المنازل المجَيَّرة والقرميد العربي والأبواب بالمقارع، ولمعرفة كل هذا التناظر نعود إلى الوراء لنتذكر أنه هنالك في سنة 1609 ، طرد فيليبي الثالث العائلات الموريسكية الأكثر نفوذاً في الرندة إلى شمال المغرب، ونظرا لتعلق هؤلاء الناس بسكن الجبال، فإنهم أوجدوا قرية مماثلة لما يتصورونه، إنها شفشاون . حيث الجذور الأندلسية تنسج ثقافة قيمة مرتبطة بجنوب الأندلس، وهناك خطت اليونيسكو جسراً من الارتباط الطبيعي والثقافي للأرض وأهلها والذي لا يروم سوى إلى المحافظة على المجال البيئي الذي عبر البحر المتوسط من قارة إلى أخرى .

وللمزيد من المعلومات تصفح موقع:www.unesco.org/iuntodeandalucia.es/mediaombiente

بين الولاء والبراء

صرح السيد منير بنجلون أندلسي الناطق باسم الفيدرالية الإسلامية في مرسية لجريدة El farocartagena.com بأنه لا توجد روابط للفيدرالية مع :العدل والإحسان ” وحصر علاقة الفيدرالية مع 17 مركزاً إسلامياً مرخصا لها من طرف الدولة .

وكان ذلك رداً من الفيدرالية على ما نشرته جريدة Abc.es في عددها ليوم الأحد 2006/10/29 من   أن “العدل والإحسان ” تود ربط اتصالات مع الجماعات الإسلامية في أليكانتي وألميريا، ومن جماعة مرسية التي يستقر فيها نحو 50.000 مسلم .

وفي سؤال لبنجلون أندلسي حول ما إذا كان عمله الفيدرالي في إسبانيا يساعد بشكل أو بآخر المواطنين المغاربة، فكان جوابه :”لا تتوفر الفيدرالية على ما يكفيها لوحدها، فكيف تساعد الآخرين ” وأضاف :”الفيدرالية لا تتوفر على العدد الكافي من الأئمة في المساجد لأنها لا تستطيع دفع رواتبهم”.

وختم تصريحه في إشارة إلى ما نشرته Abc.es »إن هذا النوع من الأخبار يعرقل العمل، وكل ما ينتظر منه زرع الخوف في الناس … وإذا تواصل هذاالشيء، فإن جميع أعضاء الفيدرالية سيستقيلون، ولن يتعاونوا مستقبلا مع المواضيع التي نعالج .”

تميُّزٌ باسم الله

يزداد عد المسلمين في إسبانيا كل مرة بفعل الهجرة، وتغتنم الجماعات الإسلامية -عن حسن نية أو سوئها – الفرصة لترسيخ وجودها بعيداً عن أوطانها الأصلية، وهاهي جماعة العدل والإحسان الأكثر تمركزاً وتنظيماً وتأثيراً في المغرب، يسمح لهم بالتحرك بدون ترخيص، إنهم أتباع الشيخ عبد السلام ياسين المؤسس. كانوا دائما على موعد مع السلطات المغربية، وبرغم إدانتهم للعنف، لا ينبغي أن ننسى أنهم لا يعترفون بشرعية إمارة المؤمنين.

لا ينكر أحد أن المغرب يعيش الضغط الذي يسبق سنة الانتخابات، وشعبية الطرح الإسلامي مع حزب العدالة والتنمية “P.J.D” الذي يمثل المعارضة تتعاظم كالزبد، لكن بخلاف الـ “P.J.D الذي قبل باللعبة السياسية، فإن العدل والإحسان تطالب بمقاطعة انتخابات 2007.

تزامناً مع التغييرالذي حدث في وزارة الداخلية بتولي شكيب بن موسى، ضُيِّق الخناق على الجماعة، في شهر مايو الماضي عانت العدل والإحسان من الاعتقالات ومداهمة مقراتها، ويبرر الوزير هذا بأن الجماعة ذهبت إلى أبعد مما يسمح به القانون “إن احترام الحريات العامة، والحفاظ على النظام وحرية التعبير والتجمع والتظاهر وجمع الأموال كلها متاحة في ظل حماية المواطن ” لكن الجماعة لم تقف مكتوفة الأيدي . فقد صرحت نادية ياسين بأنه “كان اختيار بنموسى كوزير من أجل إبطال فعالية الجماعة ” نادية هذه هي الناطقة شبه الرسمية والرأس الأكثر بروزاً في هذه الآلة الضخمة القمينة بإخراج مئات الآلاف من أتباعها إلى الشارع، هذا في وقت لم يتجاوز من علم بمحاضراتها في مدريد ستة نفر.

قامت هذه “المرأة الحديدية ” للاتجاه الإسلامي المغربي بجولة زارت خلالها كلا من فرنسا وبلجيكا، دون أن تتجرد من الحجاب، إنها تبرهن بالفعل على أنه في مقدور المرأة ارتداء السراويل في العالم الإسلامي كما فعلت هي، وبلسانها الفصيح ليست إلا شيئا نادراً في هذا المحيط.

آخر زلزال كلامي أدى إلى متابعتها قضائيا كان بتصريحها في لقاء صحافي بأنها ترى أن الجمهورية أفضل للمغرب من الملكية، هذه الصراحة العارمة جعلت أركان القصر تهتز، لم يكن أحد متعوداً على كل هذه السلاطة .

محاولات تجريم: “ليست كل الحركات المسماة إسلامية ضد المرأة وضد الحرية والديمقراطية، أنا دليل على ذلك أقسم لكم أنني امرأة لم أغير جنسي :No soy un Transexual  صرحت بهذا في محاضرة لها ألقتها في جامعة أمريكية .

وحسب الصحافة المغربية المستقلة، فإن اختلاف النزاعات التافهة سبيل إلى تجريم “العدل والإحسان ” يودون ربطهم بالجماعات الإرهابية وشبكات تهريب المخدرات ولا شيء ثابت من هذا إنهم يدينون، والجماعة تمضي قدماً بالتوسع داخل الدار وفي الخارج بالرغم من أن حلولها غير مُرحَّب به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top