كلما تحرك المغرب من أجل الإعداد لاستخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية إلا وقوبل بمعارضة أطراف ومباركة أخرى . أما الجزائر، فبرغم امتلاكها البترول والغاز، فإنها تسابق الزمن حتى لا يستأثر المغرب لوحده بالطاقة النووية، إنهما إيران في المغرب العربي .
وها هي الصحافة الإسبانية تفتح الملف من جديد، وأتيح لنا الإطلاع على ما كتبته صحف: EL PAIS.COM و 20MINUTOS.ES وINVERTIA وESTRELLA DIGITAL ، يوم 2007/3/19 وهو يوم حلول البعثة الروسية إلى المغرب. وسنكتفي بما قالته EL PAIS.COM لأنها أولت الموضوع عناية خاصة، وأحاطت بجميع جوانبه، وبطريقة أو بأخرى، نجد بقية الصحف تأخذ عنها، ونشر التقرير تحت عنوان:
بعثة روسية تحاول بيع مفاعل نووي للمغرب
وصلت اليوم إلى الرباط لجنة من شركة ATOMSTROY EXPORT التابعة للدولة الروسية، وحسب بيان صادر عنها، فإنها ستعرض على المسؤولين المغاربة بناء مفاعل نووي. وصرحت IRINA YESI POVA الناطقة باسم الشركة لهذه الجريدة، أنها تتوقع “احتمالات قوية” تفضي إلى توقيع عقد إنشاء أول محطة نووية في شمال إفريقيا.
لم يقدم المغرب طلب عرض دولي بعد، ولكنه قرر إقامة المشروع في سيدي بولبرة على الساحل الأطلسي ما بين آسفي والصويرة.
يستهلك المغرب الذي رفض الاستفادة من الغاز الجزائري المار بأرضه في طريقه إلى إسبانيا، يستهلك كل مرة مزيدا من البترول، وفي كل مرة أغلى، لهذا يحتاج إلى “التوفر على التجهيزات النووية لتنويع المصادر الطاقية، وإرضاء الطلب المتزايد على الاستهلاك (8 ? سنويا )” ، هذا ما صرح به يونس معمر مدير المكتب الوطني للكهرباء ONE قبل عشرة أشهر من اليوم.
كان معمر وقتها في موسكو، في شتنبر الماضي، وهاهم الروس يردون زيارته اليوم، وفوق هذا يقترحون إقامة مفاعل نووي من فئة VVER-1000 الذي يعمل بالضغط المائي المتطور منذ بداية عقد الثمانينيات .
ولهذا المفاعل نظير مستخدم في فنلندا منذ ما يقارب الثلاثين سنة، ولم يستبب في مشاكل . ويناهز ثمنه الـ 1.500 مليون أورو، وهو أرخص بكثير من تلك التي يعرضها المنافسان فرنسا والولايات المتحدة، واللذان يناوران من أجل إبعاد الرباط عن اقتناء التقنية الروسية.
للمغرب حاليا مفاعل نووي تجريبي في المعمورة، أقامته شركة جنرال إليكتريك الأمريكية، ولكنه لا يجرؤ على الجهر بمراهنته على الطاقة النووية في الاستعمالات المدنية.
ومن هنا كانت التصريحات متعارضة، ففي حين ينفي وزير الطاقة محمد بوطالب “نية التفكير في بناء محطة حرارية نووية ” ، نجد يونس معمر يناقضه : “لقد اتخذ القرار، ولكن إنشاء مشروع نووي يتطلب وقتا طويلا ” هذا ما صرح به في ماي الماضي، المفاعل لن يشرع في استخدامه قبل تسع سنوات.
الجزائر تستعد : إذا أعلن المغرب عن طلب عرض دولي فمن المحتمل أن يستثير الجزائر فتقوم بالمثل، إن لم تسبقه . تتوفر الجارة الجزائر حاليا على مفاعلين نوويين تجريبيين، أحدهما أرجنتيني والآخر صيني، وذكر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الأسبوع الماضي في تصريحات لهذه الجريدة بأن “الجزائر تؤسس لاستعمال الطاقة النووية في الأغراض السلمية فقط”.
ولابد من الأخذ في الاعتبار أن البرنامج الجزائري يسيل اللعاب من الناحية الاقتصادية، لأن خزائن الدولة تفيض بالبترودولار . وقد صرح وزير داخلية فرنسا والمرشح للانتخابات الرئاسية نيكولا ساركوزي في أوائل هذا الشهر : “أرغب في الاقتراح على الجزائر، قبل الدول الأخرى، تقديم مساعدات من أجل تطوير كفاءتها النووية المدنية بديلا عن الاعتماد على الغاز”.
إسبانيا بين الشكوك والمنافع : إن اعتماد المغرب على تكنولوجيا نووية مستوردة من غير البلدان الغربية يقلق إسبانيا . أجرى المغرب في نهاية التسعينيات اتصالات مع بكين بهدف إنشاء محطة لتحلية ماء البحر بالتقنية النووية في طانطان … لم يفلح المشروع . وقد حذر رئيس الحكومة الجهوية لجزر الكناري في موقع على الأنترنيت قبل أعوام من أن إقامة هذه المحطة “على بعد 200 كلم من جزر الكناري، وعلى أرض زلزالية يشكل تهديدا خطيرا للأرخبيل وأهله ” ، كما أن مستشاره في الشؤون الصناعية لورنثو سوارث سافر وقتئذ إلى الرباط، وقدم لهم مقترحا بديلا، والمتمثل في بناء محطة لتحلية ماء البحر تعمل بالطاقة الريحية ويمكنها تحلية 5.000 متر مكعب في اليوم، وثمنها يقل عن ثمن المنشأة الصينية بـ 38 ?.
لكن، لم ينظر جميع الإسبان إلى تطور الطاقة النووية في المغرب بعين السخط، فنظرا لخيبة أملهم في إنشاء مفاعلات نووية فوق أرضهم بحكم القانون الجاري به العمل، فإن شركات الكهرباء الإسبانية باتت تحلم بإقامتها على أرض جارها الجنوبي وتزويد السوق الإسبانية عن طريق الربط الكهربائي الواصل بين عدوتي المضيق.
كانت الفكرة من وحي ألدو أولثيسي رئيس شركة فينكورميدياثيون وواحد من أبرز رجال الأعمال النافذين في المغرب . أوعز أولثيسي لإيگناثيو سانشيث گالان وكلفه سنة 2005 بجس النبض لدى السلطات الإسبانية بوقع خبر استعداده لدعم هذه المبادرة .
لم يكن الاستقبال مرضيا، ولم يخرج المشروع إلى الوجود