عندما يطرق سمع أبي العيال لفظ العموم وما ينسب إليه، يتوقع جازماً حَشَفاً وسُوءَ كَيْلة، فكل ما يُنسب إلى العموم من خدمات ومداولات، لا يرقى إلى طموحات أبي العيال، وكأن قدر هذا ?العمومî أن يُرمى به في مطرح المهملات، وكلما توسم خيراً في آنية براقة إلا وجد بها صدعا أو دنساً تعافه النفس
*****
أبدأ بما يحضرني من هذه العموميات، وقصدي الإصلاح وليس سوء نيات
* المستشفيات العمومية الداخل إليها مفقود، والخارج منها مولود، المستوصفات من الأدوية خالية، والجرذان بها لاهية، أما المستعجلات فيلجها مُلتمِسٌ لعافية بعشرات الدراهم إن كانت كافية، ولكن الأعمار بيد الله، وهذا من الألطاف الإلهية، وبيد الله وحده يُعافَى العموم ويموت الطاغية
* التعليم العمومي الوزارة التي آب بها المآب، أن تصير وزارة للتربية والشباب، وللبحث في العلوم والآداب، وللتعليم في الجامعة والمدرسة والكتاب، كانت قديماً وزارة للتعليم والفنون الجميلة، وكانت لها حقاً الحصيلة والفضيلة، ولما فصلت عنها الفنون الجميلة، بقيت بالتعليم وحده كفيلة، فتربى وليدها تربية قليلة، وحتى لا يتضرر أبناء ذوي الأقدار الجليلة، شجعت التعليم الحر بكل وسيلة، ومع التعليم العمومي لم تعدم حيلة، في كل حين تجربة فسيلة، فمرة تموت في المهد وأخرى لا تُعطي حصيلة، وأنت أيها العموم الحبيب غير مالك سوى التضرع إلى الله بكل وسيلة
* المختبرات العمومية أمر هذه المختبرات عجيب، عندما يتعلق الأمر بالعموم الغريب، فهي تنفي علاقة النسب بين شقيقين، وتعود للتقول إن هناك فريقين، واحد أثبت القرابة، والآخر أنكرها بصلابة، فأين مصداقية المختبرات والمهابة؟ أين الموضوعية والرقابة؟ ولكن ليس عجيبا هذا التدليس فالنيوزويك نفسها أثبتت التدنيس، وأن كل ما قالته كان بدون تأسيس
* الأشغال العمومية خيراً فعلت هذه الوزارة، عندما سمَّت نفسها لتجهيز الطرق السيارة، أما العمومية فهي للعموم، الذي تعوًَّد على الهموم، لينتقل بسيارته الخدوم، من قريته إلى سوق الكروم، تستغرق رحلته نصف يوم، إن كتب للعجلات أن تدوم، ولم يصبها ناتئ الصخر بكدوم، ولكن مهلا أبا العيال، ففي هذه الوزارة رجال، يفخرون ويفصلون المقال على شاشة التلفاز في عز الإرسال، بأنهم يساهمون في تعريب وزارتهم، وأنهم سيتخلصون من عُجمتهم، وقد بدأوا فعلا بتعريب ال M روج، فأصبحت ميماً عربية تروج
ولهم فتوح وانتصارات، لقد عربوا لوحات السيارات، أصبح حرف الهمزة على الإطارات أما عندهم في الإدارات، فلن تنفعك مهارات، إن لم تكن فرانكفوني العبارات، فهذه وزارة التجهيز والطرق السيارة، أما العموم فليعش بين الحفر وهي خير من المغارات، فاللهم يا كريم يا غلاب، نسألك اللطف في الكتاب
هذه نماذج مما ينسب للعموم، بياء نسب وأروم ونجد أحيانا هذا العموم مذكورا ويبقى الوصف عليه محصورا، كقولنا الدعوة للعموم، أو ممنوع على العموم، فأما الدعوة للعموم، فليس لسواد عيون العموم، ولكن لأمر في نفس يعقوب، إما حملة مرشح مجلوب، أو ترويج حكومي لموعد عرقوب، وأما منع العموم، فهو مفهوم، فما دمت من العموم، فانتظر الساعة تقوم، والخاصة حول باب المنع تحوم، وتنتظر الموظف الخدوم
وعلى ذكر مثالب العموم نستثني في بريطانيا مجلس العموم، لا، لا لن نستثني هذا الظلوم، إذا أجاز الحرب على العراق والهجوم، ولكنه أحسن حالا من مجالسنا للعموم، في البرلمان وفي أسفل البدروم، التي يفر منها النواب ويختفون كالجرثوم، كلما تعلقت المناقشة بقضايا العموم أما عند المطالبة برفع أجورهم ومعاشات القيدوم، فعندها يَتَكَأْكأون تَكَأْكُؤ الأكباش والقُرُوم، عندما مورد ماءٍ، أو ظل غيمة من الغيوم، ويحسبونها تدوم ولكنها لا تدوم، الواحد الأحد هو الذي يدوم، فلا تمعن ياعبد الواحد في إهمال العموم